ما الذي يميز نجوم الأشعة السينية عن النجوم الأخرى، لِمَ لا تصنف الشمس كنجم من نجوم الأشعة السينية؟
تطلق النجوم في الكون كل أصناف الطاقة، لكنها تتميز عن بعضها بتجاوز الإطلاق من كل منها لنمط معين من الطاقة بالمقارنة مع أصناف الطاقة الأخرى، تطلق شمسنا الأشعة الضوئية بشكل رئيسي خاصة اللونين الأصفر والأخضر، بالمقابل بينت دراسات عدة عشرات من مصادر الأشعة السينية وراء حدود المجموعة الشمسية أن النجوم في تلك المصادر تكاد لا تطلق إلا الأشعة السينية، بينما يصعب تمييزها في القبة السماوية على أساس الأشعة الضوئية، تقع معظم نجوم الأشعة السينية ضمن شريحة ضيقة من المستوى الرئيسي لمجرة درب التبانة، تقع تلك الشريحة ضمن التوزع الفضائي للنجوم الفتية اللامعة وقد خمن العلماء تبعاً لذلك أن تكون مصادر الأشعة السينية في عداد النجوم المذكورة، أو لعل تاريخ تطورها الأول يماثل الأطوار المبكرة من حياة النجوم الفتية اللامعة، على أية حال لقد امتد اكتشاف مصادر الأشعة السينية إلى حشود النجوم الكروية التي تقع ضمن الهالة الكبيرة المحيطة بالمجرة بعيداً عن مستويها الرئيسي، إن العلماء مجمعون اليوم على أن نجوم الحشود الكروية هي من أقدم النجوم لربما في الكون بأسره، تبعاً لذلك يذهب بعض الفلكيين إلى اعتبار مصادر الأشعة السينية في مستوى المجرة تظاهرة مغايرة للمصادر المناظرة في الحشود الكروية، بينت المعلومات الضوئية والسينية القادمة من الحيز الخاص بمصادر الأشعة السينية أن معظم هذه المصادر هي نجوم متراصة صغيرة خافتة الإضاءة يدور كل منها حول مركز ثقل مشترك مع نجم شديد الإضاءة حيث يشكل النجمان ما يدعوه الفلكيون نجماً مزدوجاً، لقد تابع الباحثون عدداً من تلك النجوم المزدوجة وراقبوا على نحو خاص الكسوف الدوري لنجم الأشعة السينية لدى مرور النجم المضيء على خط النظر بينه وبين الأرض، يحدث في بعض الأحيان أن يؤثر نجم الأشعة السينية في النجم الآخر تأثيراً يتمثل بإحمائه أو تشويهه بفعل المد الثقالي الأمر الذي يجعل إضاءة النجم الآخر مختلفة في وجهيه، إذ تصبح إضاءته أشد من الوجه الأبعد غير المقابل لنجم الأشعة السينية، يراقب الراصدون على الأرض هذه الظاهرة على خلفية الخفوت والسطوع الدوريين للنجم الآخر القرين لنجم الأشعة السينية، يطابق دور الخفوت والسطوع المشار إليهما المدة الزمنية اللازمة لإنجاز النجمين دورة واحدة حول مركز ثقلهما المشترك.
ماذا عن البنية الفيزيائية لنجم الأشعة السينية؟
على الرغم مما حققه العلماء من معرفة تفصيلية لنجوم الأشعة السينية فإن الطبيعة الفعلية لها ما زالت موضع أخذ ورد بين الدارسين، تذهب نظريات كثيرة إلى أن نجم الأشعة السينية هو نجم فائق التطور بالغ التراص، تبعاً لذلك يفرض نجم الأشعة السينية قوى مد ثقالي شديدة تقوم باستقطاب المادة الغازية من جوار النجم الآخر المضيء، تتسارع هذه المادة صوب نجم الأشعة السينية وترتفع درجة حرارتها كثيراً وتبلغ حدوداً كبيرة قبل أن توقف عند سطح ندم الأشعة السينية أو في جواره القريب، ينجم عن ذلك أن تطلق المادة الغازية الساخنة فيضاً من الأشعة السينية، باختصار تفيد النظريات المذكورة بأن نجم الأشعة السينية هو آلة خاصة تقوم بتحويل طاقة المد الثقالي إلى أشعة سينية، تؤيد الأرصاد المناظرة صحة هذه النظريات فقد أكدت أن التغيرات الطارئة في شدات إصدار نجوم الأشعة السينية تستغرق جزءاً من الثانية، الأمر الذي يشير إلى حقيقة ان حيز الإصدار هو كتلة بالغة التراص، على أية حال إن تحديد الطور الذي يمر به نجم الأشعة السينية ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، تعتبر الأقزام البيض في عداد النجوم المتراصة المطلقة للأشعة السينية، يساوي حجم القزم الأبيض حجم كوكب الأرض تقريباً، تكثر الأقزام البيض بالقرب من الشمس، لكن أحداً منها لا يقع على مسافة تكفي لتمييز الضوء الصادر عنه، إن مصير شمسنا أن تؤول إلى قزم أبيض في غضون خمسة آلاف مليون سنة من الآن.
اكتشف العلماء أن بعض مصادر الأشعة السينية تطلق دفقات سريعة ومنتظمة من تلك الأشعة، تماماً كما تفعل النجوم النابضة عند إطلاقها الأشعة الراديوية، إن النجوم النابضة هي نهايات متطرفة لنجوم هائلة الكتلة، حيث يتحول النجم في نهاية حياته إلى كتلة من النيوترونات تتكاثف إلى أن يصبح قطر النجم النابض بحدود عدة كيلومترات فقط، يدور النجم النابض بسرعة حول محوره مصدراً ومضات من الموجات الراديوية كما تفعل منارات السفن عند إطلاقها الضوء، يذهب بعض العلماء إلى أن مصادر الأشعة السينية قد تكون بدورها أنماطاً خاصة من النجوم النابضة، إن أكثر النهايات درامية في حياة النجوم هي الثقوب السوداء، تنهار المادة في الثقب الأسود بفعل قوة الجذب الثقالي دون أن تبذل القوى الكونية الأخرى أية مقاومة، إذ تكون قد نفدت كل إمكانات تلك القوى في محاولة كبح قوة الجذب الثقالي أثناء للأطوار المتتالية من حياة النجم يحدث ذلك بسبب عظم الكتلة التي تكون النجم هكذا تتراص المادة ويتعاظم جذبها الثقالي إلى حد أن الضوء نفسه يعجز عن الإفلات من قبضة ذلك الجذب، يحيط بالثقب الأسود حيز من الفضاء يعرف بأفق الحدث يقيس منطقة التأثير الأساسية للثقب، ذلك أن أي جسم يخترق أفق الحدث سيختفي من الوجود لدى امتصاصه من قبل الثقب، إن كان الثقب الأسود أحد مكوني نجم مزدوج فإن إطلاق الأشعة السينية سيجري وفق الآلية التي أتينا على ذكرها خاصة لدى الانهيار السريع لمادة النجم الآخر صوب أفق الحدث، لا تسمح أدوات الرصد المعاصر بتحديد طبيعة نجوم الأشعة السينية تحديداً دقيقة على ضوء الخيارات الثلاثة المذكورة، قد يكون نج الأشعة السينية مختلفاً عن تلك الخيارات، وقد تتعدد نجوم الأشعة السينية في طبائعها المتباينة، يحاول العلماء أحياناً تحديد كتلة نجم الأشعة السينية بمتابعة الأثار التي يفرضها على النجم المضيء المرافق، تجري بعد ذلك مقارنة الكتلة المقدرة بالكتل النظرية لمختلف أنواع النجوم، فكتلة القزم الأبيض لا تزيد عن 1.2 كتلة شمس، بينما تصل كتلة النجم النابض إلى ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، أخيراً تتجاوز كتلة الثقب الأسود ثلاثة أضعاف كتلة الشمس.